حجاجيّة البلاغة في المقامة الحرزيّة للهمذاني

الملخص

الأهداف: سعت الدّراسة إلى الكشف عن آليات الحجاج في المقامة الحرزيّة بعدّه تقنية اتّصاليّة، وما تضمّنته من أسرار بلاغيّة لعبت دورًا في التأثير في المتلقي وإقناعه لقبول هذا الخطاب، ذلك أنّ الهدف الأساسيّ في خطاب (الكُدية) هو استدراج الآخرين، وإقناعهم بوجاهة الحجاج؛ تمهيدًا للإيقاع بهم.

المنهجيّة: بعيد تقديم الإطار النظري للحجاج بمفهومه العام، حرصت الدّراسة على إظهار المستوى الخاصّ بالمقامة من ذلك الحجاج، بإظهار الشواهد التي وثّقت أشكاله المستعملة في المقامة، من خلال دراسة تحليلية للمستويات اللغويّة البلاغية (بيان، وبديع، ومعان)، التي احترف بديع الزّمان في توظيفها، ثمّ مثّلت الدراسة بالسلم الحجاجي على تلك الشّواهد بصيغة جلّت سفور إبداع الهمذانيّ في القدرة على الإقناع.   

النتائج: ثبت غنى المقامة الحرزيّة بالأفانين البلاغيّة، التي مكّنت النّصّ من القدرة على الإقناع بإمتاع أدبيّ، لرسالة اجتماعيّة فذّة، دعت إلى محاربة عادات الخضوع البائسة للشّعوذة، وأظهرت حماقة فرائسها من النّاس. تجلّت تلك الأفانين من خلال توظيف الهمذاني جملة من الحجـج، اســتعان في عرضها بالأفعال الكلاميّة، التي اندرج تحتها أنجعها حجاجًا (الاستفهام الحقيقي)، ناهيك عن الاستعارة (المكنية، والتصريحيّة)، حيث تحوّلت طاقتهما الجماليّة إلى مصدر من مصادر الإقناع. وفي إطار تجلّي العلاقة المجازيّة بين الدعوى والحجّة، اتّخذ الكاتب من السّلم الحجاجي، الذي يعدّ دعامة استدلالية، آليةً لإثبات قوّة الحجاج عند أهل تلك الصّنعة، وقد مثّل استخدامه للعوامل الحجاجيّة (القصر، والتّوكيد، والنّفي) سمة بارزة في بنية المقامة.

الخلاصة: برع بديع الزّمان الهمذاني في فن الكلام، وإحداث الانسجام في ذات القارئ؛ ليتركه منسابًا مع عبارته الملونة بالظرافة والطرافة، التي راعى فيها مستويات المتلقين؛ إذ استعمل أعالي الكلام مع العالين، ومبسّطاته مع البسيطين بما يقتضيه المقام، فأظهر بذلك قدرته على التأثير والإقناع، مسطرًا مستوى محترفًا من المهارة في الحجاج.